الثقافة والفنالموسيقى والعروض الحية

الموسيقى مخدر بارع في غرفة العمليات الطبية

ليس جديدا أن يهتم الأطباء بالموسيقى، وأن يتأكدوا من تأثيرها على المرضى، فلقد اهتم القدماء مثل الرازي وابن سينا بالموسيقى، واستخدموها لغايات علاجيّة، هذا اليقين جعل العلماء يبحثون منذ القرن العشرين في الاستفادة بصفة علمية من الموسيقى كعلاج.

وتوصلت الدراسات العلمية إلى نتائج مبهرة لتخفيف معاناة المرضى، كما توصلت إلى أن الموسيقى يمكن أن تكون حافزا لأداء مهمة الأطباء بمهارة أكثر، ما يجعل بعضهم يفضلون إجراء عملياتهم الجراحية وهم يستمعون إلى الموسيقى.

وكانت نتائج آخر الدراسات مفاجأة، نتائج يمكن أن تغير عالم الطب والعمليات الجراحية بالكامل، حيث نشرت مجلة ساينس فوكس العلمية المتخصصة بحثا أعده مختصون من جامعة بنسلفانيا الأميركية، عن إمكانية أن تصبح الموسيقى بديلا للتخدير في بعض العمليات الجراحية، خاصة وأن ارتفاع مستويات القلق لدى المرضى قبل التخدير يمكن أن يؤدي إلى مزيد من الألم بعد العملية، ووقت أطول للشفاء.

صحيح أن بعض المهدئات المستخدمة حاليا تقلل من القلق، لكنها قد تسبب آثارا جانبية أيضا، لذلك لا ينصح الكثير من الأطباء بتناول الأدوية والعقاقير التي تقلل من التوتر، بسبب آثارها الجانبية الخطيرة خاصة في تلك العمليات الحساسة، وتأثيرها السلبي على الجهاز التنفسي.

 النغم المخدر

أثبت الباحثون في جامعة بنسلفانيا في دراستهم الجديدة، أن استخدام الموسيقى كان مثاليا في بعض العمليات الجراحية مثل تلك المتعلقة بالعظام.

وطبق الباحثون تجربة عملية تجعل المرضى يستمعون إلى موسيقى هادئة، من خلال سماعات تعزل أي أصوات خارجية أو ضوضاء، مع منحهم نسبة مخدر خفيفة عن طريق الفم، وبالفعل نجحت تلك الطريقة في تهدئة أي توتر أو قلق، كما أنهم لم يحتاجوا إلى المخدر القوي الذي يؤخذ عن طريق الوريد، وتمكنت أيضا من تأهيل المرضى قبل العمليات الجراحية.

وتم إعطاء المرضى مخدرا عن طريق الفم، وبعدها تم اختبار مستوى القلق لديهم، ثم مقارنة النتائج مع المرضى الذين تلقوا المخدر عن طريق الوريد، ليجدوا أن مستويات القلق انخفضت لدى الاثنين بشكل مشابه، بالرغم من أن المخدر الذي يؤخذ عن طريق الوريد أكثر قوة من الآخر الذي يؤخذ عن طريق الفم.

واستخدم الباحثون موسيقى من إنتاج “ماكروني يونيون” يطلق عليها “منعدم الوزن” قبل العملية الجراحية. يذكر أن هذا المقطع الموسيقي تم إنتاجه عام 2011، بالتعاون مع معالجين يعتمدون على الأصوات في تقديم العلاج، وتم تصميم المقطع خصيصا لتهدئة المستمعين ومساعدتهم على الاسترخاء.

وقالت الطبيبة التي أشرفت على الدراسة، الدكتورة فينا غراف، “تبين نتائجنا أن هناك بدائل بعيدة عن الأدوية للمساعدة في تهدئة المريض قبل عمليات معينة”.

وكانت أبحاث سابقة قد أظهرت أن الموسيقى دواء تشبه فعاليته، فعالية المهدئات الفموية.

وبدأ المركز البحثي الأميركي فعليا، في تطبيق تلك التجربة الموسيقية، على عدد أكبر من المراكز الطبية في الولايات المتحدة والعالم، ودراسة أي منها سيكون مثاليا في تهيئة المرضى قبل العمليات الجراحية.

وتقول دراسات أخرى إن المرضى الذين أجريت لهم عمليات جراحية ممن استمعوا للموسيقى قلت لديهم مستويات الإحساس بالألم والقلق وانتظمت لديهم ضربات القلب وانخفض لديهم مستوى ضغط الدم مقارنة بمن لم يستمعوا للموسيقى.

وقال أطباء في مستشفى جامعة ويلز، إن سماع المرضى للموسيقى قبل دخولهم غرف الجراحة له تأثير فعال في تحسين مزاجهم وتهدئتهم، لاسيما عندما يستمعون إلى الموسيقى المفضلة لديهم قبل العملية وبعدها، وله أيضا تأثير فعال في تخفيف آلام الجراحة والتئامها بفضل تعزيز مزاجهم، وبالتالي تقوية جهازهم المناعي.

عرض المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى