يبرز إنتاج الهيدروجين الأخضر حلًا مثاليًا لتوفير الكهرباء النظيفة ونقلها، إلى جانب استعماله وقودًا للسيارات وتلبية متطلبات الصناعة بأنواعها المختلفة، لا سيما في المناطق النائية.
كما يمكن الاستفادة من هذا الوقود منخفض الكربون عبر استغلال غاز الأكسجين (المكون الآخر للهيدروجين في جزئ الماء) في المستشفيات النائية والأغراض الصناعية الأخرى، وفق معلومات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
ويُعدّ إنتاج الهيدروجين الأخضر تتويجًا لجهود الأبحاث العالمية التي تستهدف ابتكار طرق رخيصة التكلفة لإنتاج هذا الوقود النظيف، الذي يُنظر إليه على أنه مستقبل الكهرباء المستدامة، لقدرته على تحقيق تنمية صناعية حيادية الكربون، وتوفير فرص عمل، ورفع مستوى المهارات، وتعزيز أمن الطاقة، والمشاركة في تجارة الهيدروجين العالمية، وإيجاد اقتصاد أكثر تنوعًا، وفق لما أورده موقع تشيم يوروب دوت كوم CHEM EUROPE.COM.
وفي هذا الإطار، يعمل الباحثون حول العالم على تطوير طرق لإنتاج الهيدروجين الأخضر الذي يسهم بفاعلية في تقليص استهلاك الوقود الأحفوري، لا سيما إذا أُنتِج باستعمال الكهرباء المولدة من المصادر المتجددة.
تقنيات غير مجدية
ما تزال التقنيات المُستعمَلة -حاليًا- لإنتاج الهيدروجين الأخضر غير مجدية تجاريًا، وباهظة التكلفة بما يحول دون استعماله في التطبيقات المختلفة.
ومن هذا المنطلق، يقدّم فريق من الباحثين في جامعة توبنغن الألمانية نوعًا جديدًا من الألواح الشمسية التي تتمتع بقدر عالٍ من الكفاءة، في إنتاج هذا الوقود النظيف.
ويقول الباحثون في الدراسة التي نُشرت بدورية “سيل ريبورتس فيزيكال ساينس” العلمية، إن تلك الألواح الشمسية تتيح الإنتاج اللامركزي للهيدروجين الأخضر، إلى جانب إمكان استعمالها في تطبيقات صناعية عديدة.
وحينما يُنتَج الهيدروجين بتقنية التحليل الكهربائي للمياه، باستعمال مصدر للطاقة المتجددة، يُشار إليه بـ”الهيدروجين الأخضر”؛ بفضل طريقة إنتاجه الصديقة للبيئة.
آلية التقنية
في الطريقة التي يُفَكَّك فيها جزئ المياه إلى هيدروجين وأكسجين عبر جهاز المحلل الكهربائي، والتي يُطلق عليها -أحيانًا- “التمثيل الضوئي الاصطناعي”، يُنتَج الهيدروجين الأخضر باستعمال الكهرباء المولدة بالطاقة الشمسية، بحسب تقرير طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
ومن هذا المنطلق، طوّر فريق الباحثين في جامعة توبنغن، بقيادة الدكتور ماتياس ماي من معهد الكيمياء الفيزيائية والنظرية، خلية شمسية تُعدّ جزءًا لا يتجزأ من جهاز التحليل الكهروكيميائي، وتعمل مباشرة بمحفزات لشطر المياه.
ولعل ما يميز تلك الخلايا الشمسية أنها لم تعد تحتاج إلى دائرة كهربائية خارجية إضافية، كما هو الحال في الخلايا الشمسية الكهروضوئية.
وهذه النهج الإبداعي يجعل تلك التقنية أكثر إحكامًا ومرونة، بل -وربما- أكثر فاعلية من حيث التكلفة.
وقال ماي: “يرى الباحثون في هذا المجال أن تحقيق عملية انشطار مباشر للمياه تتّسم بالفاعلية والاستقرار هو نوع من الإعجاز”.
التحدي الأكبر
لعل المثير للقلق في تقنية إنتاج الهيدروجين الأخضر العيوب البلورية الصغيرة التي تظهر خلال نمو طبقات الألواح الشمسية، وتتسبب تلك العيوب في تغيير البنية الإلكترونية للنظام، ومن ثم خفض كفاءة النظام واستقراره.
وفي هذا السياق، قال رئيس فريق البحث في جامعة توبنغن الدكتور ماتياس ماي: “ما يزال التآكل الذي يهدد استقرار الألواح الشمسية في المياه على المدى البعيد، هو التحدي الأكبر”.
وأضاف ماي: “حققنا -الآن- تقدمًا كبيرًا مقارنة بأبحاثنا السابقة”، في تصريحات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
تطبيقات واقعية
أظهر العديد من المشروعات التي جرت في جامعات أخرى أن تقنية الألواح الشمسية تلك يمكن تسويقها تجاريًا، حتى في ظل أوجه القصور البسيطة المصاحبة لها خلال إنتاج الهيدروجين الأخضر.
وفي هذا الخصوص قالت المؤلفة الأولى للدراسة إيريكا شميت: “ما طورناه هنا هو تقنية لإنتاج الهيدروجين الأخضر التي لا تستلزم -على الإطلاق- اتصالًا عالي الأداء بشبكة الكهرباء، وهذا يعني أن الحلول الدائمة الصغيرة والمستقلة لإمدادات الكهرباء يمكن تصوّرها أيضًا”.
يُشار إلى أن العمل الابتكاري الذي توصّل إليه باحثو توبنغن قد ضُمِّن في المشروع المشترك H2Demo، الذي يضم شركاء خارجيين، من بينهم معهد فراونهوفر لأنظمة الطاقة الشمسية “آي إس إي” (ISE).
وتشتمل الخطوات التالية على تحسين الاستقرار في المدى الطويل، والتحول إلى نظام مواد قائم على السيليكون أكثر فاعلية من حيث التكلفة، وتوسيع نطاقه ليشمل مساحات سطحية أكبر.