التكنولوجيا والابتكارتقنيات الواقع الافتراضي

الابتكار التقني وحده لا يكفي

كلمة الابتكار مفردة تستهوي من ينشدون التغيير والإبداع والأخذ بالأعمال والعلوم إلى مراحل متقدمة. وعندما تطرق كلمة الابتكار مسامعنا أول ما يتبادر إلى الأذهان هو ما يتعلق بالتقنية أو الاختراع التقني، غير أن هذا الحصر وإن كان مستساغا، إلا أن المفهوم الشامل للابتكار العام يتجاوز ما يسمى الابتكار التقني. وفي سعي الشركات أو المشاريع الناشئة الحثيث إلى الاستثمار في ابتكار التقنية بشكل أساسي، قد تغيب عنها اللبنات الأخرى المكملة لحلقة الابتكار. قد ينجح الابتكار التقني في إنتاج منتج فريد من نوعه أو الإبداع في تقديم خدمات جديدة لم يسبق لأحد أن أتى بمثيل لها.

لكن هل حققت تلك الابتكارات نجاحات اقتصادية أو مردودا استثماريا على أصحابها؟. ليس بالضرورة إلا باكتمال أركان أخرى، تضيف بدورها تلك الابتكارات ميزة تنافسية لملاكها. وأقرب شاهد على ذلك عندما لا تعدو الابتكارات التقنية أن تكون سوى براءة اختراع مسجلة في أحد مكاتب التسجيل العالمية، أو ورقة علمية منشورة قد تعاد هندستها عكسيا والاستفادة من الأفكار المطروحة من قبل شركات أخرى دون علم أصحاب الملكية الفكرية، أو في أحسن تقدير عندما تحول فكرة فريدة إلى منتج ابتكاري لكن دون إيجاد طلب عليها في السوق.

إن الهدف الأساسي لأنشطة الابتكار هو الحفاظ على مسافة متقدمة أمام المنافسين الحاليين أو المحتملين، بإضافة ميزة تنافسية للشركة أو المؤسسة. وهذا يرتبط ارتباطا وثيقا بالاستراتيجيات التي تضعها تلك الجهات والشركات، لتتمكن من البقاء في الصدارة وتحييد أي منافسة محتملة تؤثر في حصتها السوقية، أو ربحيتها عموما. وعندما يتعلق الأمر بالاستراتيجية فنحن نتحدث بنظرة أكثر شمولية لتغطي جوانب متعددة، سواء على مستوى العمليات الداخلية، أو الموارد المتاحة، أو الإمكانات التي تملكها تلك الشركات.

لذا من المهم عند تناول مواضيع الابتكار ألا نحصرها في منتج أو خدمة تقنية مجردة من مقومات نجاح أخرى تمتد لتشمل على سبيل المثال الابتكار المؤسسي، أو الثقافة السائدة في المؤسسة وبين موظفيها في تبني فلسفة الابتكار، أو الابتكار في العمليات وإجراءات العمل الداخلية التي تحافظ على ترابط قيمة الابتكار value Innovation.

عندما قامت شركة أبل بإطلاق منتجها الفريد في وقته ولا يزال “آيباد”، حوى هذا المنتج خصائص متنوعة جعلت منه جهازا متميزا وموثوقا، رغم أن معظم تلك الخصائص كانت تتوافر في أجهزة أخرى على انفراد، كشاشة اللمس، أو تشغيل الفيديو والملفات الصوتية، أو الاتصال بالإنترنت. لكن كان ابتكار “أبل” ليس حصرا على منتج تقني بمعزل عن عوامل أخرى فاقمت من نجاحه.

فالجودة، والتصميم، وثبات الأداء، إضافة إلى دمج خصائص متعددة في جهاز واحد، وليس انتهاء بتغليف جذاب للمنتج النهائي، كلها مثلت سلسلة مترابطة من الابتكارات المتعددة والمتكاملة، حتى إن أحد مديري الفريق الهندسي لـ “أبل” كان يصف منتجاتها بأنها: “أفكار جيدة حقا مغلفة بأفكار جيدة أخرى”. إن الابتكار التقني هو أحد فصول تحقيق قيمة الابتكار، لكن القصة لا تكتمل إلا باكتمال باقي أجزائها.

بواسطة
محمد راشد الشريف
عرض المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

قد يعجبك أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى